16 juil. 2015

حي على الحياة



 حي على الحياة

دعها تعودك في المنفى
ناسكة  شهيّة  واثقة
قاسية كالأقدار
دعها تزورك في المشفى  
وهي ترتدي ألوانك المفضّلة
و تضع خواتم جدّتها الفضيّة
و تحمل وجهها باقة ليلكٍ 
عارية كالأمطار
    
دعها تزورك في المدن الشّاغرة
في البحار الثّائرة
في الشّموس الثّاقبة
و في قوارب الورق
دعها تلعن تأخّر القطارات
و تهدي المناديل المعطّرة للمطارات
دعها تودع الأسئلة الأزليّة
للعناكب السّاهرة في المحطّات  
دعها تلقي بمرساة الرّيبة 
لصدإ الباخرات

دعها تزورك خارج المواسم
في رقّة الحقل و الرّواسم، 
في دفّة الحلق الباسم
في غرفة من غرف السحاب

دعها تزورك في خريف السعادة
و في وجه الانسحاب
دعها تزورك في المقهى،
في أتفه الحالات و في الملهى
في الضوضاء و في السّكات 
في ضلعك المنهار
في جوع اللّيل 
و في كذب النّهار 
حافية جائعة آلهة .. بغزارة
تسخر من كلماتك المتعجرفة

و إن مزّقت صورتك ذات حريق
و إن خبّأت إسمك 
فغاب بين أصباغها المشاكسة
و إن شاء ضيق الصّيف
أو شاءت رحابة صدر الشتاء
أو أمر غول الطّريق
 أن تنساك
أو أرادت الطّرفة
أن تستضيفها أنت
فتزور سواك
و يضيع قرطها في قعر المأساة
فإن نادت "أحبّك" 
أجب "حي على الحياة" 


دعها تزورك في الألم
و تغوص في منتهاك 

دع الحبّ للحبّ
و الحياة للحياة
فإن نادت "أحبّك"
فهي تراك

***
قد قامت الحياة
قد قامت الحياة

قد قامت الحياة


لا يموت الشّعراء




إلى الشّاعر محمّد الصغيّر أولاد أحمد
---

"من هو إنسان الصّبح، و من هو إنسان الظّلام؟"
رونيه شار ، صحائف هبنوس

----


أ عنك يجب أن نصمت؟
أيّها الدّاعي إلى العشق في الأسواق
بكلّ ما لا يقوله البحر
فملاقيه
الكعبة في داخلك
و أنت تحبّ البلاد، 
في الشّيء المدهش 
أنت القمر و القمر المضاد
للّيل أن ينجلي، 
فأنت تصوّر ممتدّ للصباح
يا هموم الجفاف .. يا فقر العصافير
يا سيّد الحسن
صغير البنية 
تحلم ببيت القصيد 
يحوطه بستان من نارنج و عطرشاء 
و أصدقاء أشقياء

مملكتك الشامخة تحكمها رعشة الأشرعة الزرقاء


ستدقّ السّاعة آلاف المرّات
حتّى يتركوك تغادر نقّالة المرضى
و نقابة الناعسين و النّاعسات
لتستأجر شجرة تفّاح
و أنت تلهث ولا تبكي 
تصل بقصبة هوائيّة واحدة
أو مشلولا من الصّدر أو من العجز
بعينك نسرٌ محموم و أقصاب كمان
تنتظر الإهتياج
يطاردك الدّائنون و تداهمك حمّى العباد: 
"صباح الخير، شنحوال الصحّة، سي الشْباب؟"



تقول: أؤمن بالعشق
و بأسماء الأمل الحسنى
تكتب الكون، الكون موجود
لهذا بالضّبط 
أؤمن بالخلود
لهذا بالضّبط لا يموت الشّعراء

لا تقلق،
فالشهداء لا يشغلون أكثر من سنة
مشاة القرن الحادي و العشرين
أمّا البرق المتوحّد،  مثلك
فسيُرهق الفناء ...

هناك شيء آخر 
غير إستراحة التّراب
موكول للشعراء