حي على الحياة

 حي على الحياة

دعها تعودك في المنفى

ناسكة  شهيّة  واثقة

قاسية كالأقدار

دعها تزورك في المشفى  

وهي ترتدي ألوانك المفضّلة

و تضع خواتم جدّتها الفضيّة

و تحمل وجهها باقة ليلكٍ 

عارية كالأمطار

    

دعها تزورك في المدن الشّاغرة

في البحار الثّائرة

في الشّموس الثّاقبة

و في قوارب الورق

دعها تلعن تأخّر القطارات

و تهدي المناديل المعطّرة للمطارات

دعها تودع الأسئلة الأزليّة

للعناكب السّاهرة في المحطّات  

دعها تلقي بمرساة الرّيبة 

لصدإ الباخرات

دعها تزورك خارج المواسم

في رقّة الحقل و الرّواسم، 

في دفّة الحلق الباسم

في غرفة من غرف السحاب

دعها تزورك في خريف السعادة

و في وجه الانسحاب

دعها تزورك في المقهى،

في أتفه الحالات و في الملهى

في الضوضاء و في السّكات 

في ضلعك المنهار

في جوع اللّيل 

و في كذب النّهار 

حافية جائعة آلهة .. بغزارة

تسخر من كلماتك المتعجرفة

و إن مزّقت صورتك ذات حريق

و إن خبّأت إسمك 

فغاب بين أصباغها المشاكسة

و إن شاء ضيق الصّيف

أو شاءت رحابة صدر الشتاء

أو أمر غول الطّريق

 أن تنساك

أو أرادت الطّرفة

أن تستضيفها أنت

فتزور سواك

و يضيع قرطها في قعر المأساة

فإن نادت "أحبّك" 

أجب "حي على الحياة" 

دعها تزورك في الألم

و تغوص في منتهاك 

دع الحبّ للحبّ

و الحياة للحياة

فإن نادت "أحبّك"

فهي تراك

***

قد قامت الحياة
قد قامت الحياة

قد قامت الحياة

لا يموت الشّعراء

إلى الشّاعر محمّد الصغيّر أولاد أحمد

---

"من هو إنسان الصّبح، و من هو إنسان الظّلام؟"

رونيه شار ، صحائف هبنوس

----

أ عنك يجب أن نصمت؟

أيّها الدّاعي إلى العشق في الأسواق

بكلّ ما لا يقوله البحر

فملاقيه

الكعبة في داخلك

و أنت تحبّ البلاد، 

في الشّيء المدهش 

أنت القمر و القمر المضاد

للّيل أن ينجلي، 

فأنت تصوّر ممتدّ للصباح

يا هموم الجفاف .. يا فقر العصافير

يا سيّد الحسن

صغير البنية 

تحلم ببيت القصيد 

يحوطه بستان من نارنج و عطرشاء 

و أصدقاء أشقياء

مملكتك الشامخة تحكمها رعشة الأشرعة الزرقاء

ستدقّ السّاعة آلاف المرّات

حتّى يتركوك تغادر نقّالة المرضى

و نقابة الناعسين و النّاعسات

لتستأجر شجرة تفّاح

و أنت تلهث ولا تبكي 

تصل بقصبة هوائيّة واحدة

أو مشلولا من الصّدر أو من العجز

بعينك نسرٌ محموم و أقصاب كمان

تنتظر الإهتياج

يطاردك الدّائنون و تداهمك حمّى العباد: 

"صباح الخير، شنحوال الصحّة، سي الشْباب؟"

تقول: أؤمن بالعشق

و بأسماء الأمل الحسنى

تكتب الكون، الكون موجود

لهذا بالضّبط 

أؤمن بالخلود

لهذا بالضّبط لا يموت الشّعراء

لا تقلق،

فالشهداء لا يشغلون أكثر من سنة

مشاة القرن الحادي و العشرين

أمّا البرق المتوحّد،  مثلك

فسيُرهق الفناء ...

هناك شيء آخر 

غير إستراحة التّراب

موكول للشعراء

بلا رُتوش

لا يورّيك سوْ قالت

و السو أنا ريتو

يطوّل في عمرك زادت

العمر من آخرو أنا بديتو

في الدّار حريقة و التصاور تحرقوا

و عرايس الشوالق في عشويّات البارح غرقوا

فمّا نْسا في كرّاسات المحفوظات كبروا و عرسوا 

و فمّا رجال كانوا زغار و زادوا سرحوا

بكاوْ و فرحوا، ماتوا و ما ماتوش 

محفوظة بسيطة ولاّت كتاب

و خطواتنا بين الزناقي ما تبدلوش

تخربيشات الأقلام خرجوا مالكتّاب 

شطحوا تحت المطرو إتبلّوا للعنكوش

و جنون القايلة ميزالوا ما تهدّوش 

جيت إنتي حتّى تمشي ؟

تولدت إنتي حتّى تموت ؟

وفيتش توا ؟ فاش تستنّى ؟

إنتي فيك النّار و إنتي فيك الجنّة

إنتي كل ما تكره و إنتي كل ما تتمنّى

و إنت دار شبابكها ما يتحرقوش 

إنتي أم ألغاز يضيعوا و ما يكبروش

و إنتي أجمل لحكايات

و أجمل لحكايات ما تكبتوش

كيفاش تقلّي في الدّار حريقة

و ضحكاتنا ما يرجعوش ؟

تعدّيت على داركم نلقى لون جديد

و إلّي لونو يشبهلو صعيب ياكلوا الصديد

تتكسّر المراكب و العصافر ما يغرقوش 

و تتبدّل الملاحف و الغشاشر ما يصبروش

يعلقوا على الحيط تصويرة جديدة

و يغلفوا بالزّيت جوانح الخطّيفة

و يكتبوا عالكرّاسة المشريّة

بقلمّات ما يسوسوش

غنايات قديمة و هيّا من باكوها 

حفلاتها ما يتباعوش 

حبّوها بالزّازة 

و زاروها و سهروا و ما باتوش

و في آخر الخرافة يخطفها من بوها

نص مالنصوص ما يتحرفوش 

فيها أنا و إنتي و إلّي كيفنا و إلّي ما يتشابهوش

و فيه سيناريو من غير روتوش

فيه جنينة سايبة 

و أعراف رند يابسة

و فيه فرخ كانالو ترنكوش

أحنا نسكتوا و عصافر القلب ما يسكتوش

أحنا نعطشوا و عينين التّوت ما يعطشوش

أحنا نغلطوا و أغلاطنا ما يتحسبوش

و أحنا إلّي في كل نص نصدقوا 

و لو ناسنا ما يأمنوش 

أحنا إلّي نصدقوا وقت ما نصدقوش

و أحنا إلّي نتكلموا كيف نسكتوا و كيف ما نسكتوش

كل شي فيك يتكلّم و يتعلّم

و كل شي فيك عرف ورد يتقلّم 

تجفى المواسم و يسرح الببّوش

و جنينة قلبك أطرافها ما يتلمّوش

ما عندك سوْ

كل حريقة نهايتها نوْ

موش غدوة تبدا

إنتي تبدا توْ

هيّا ننعسوا شويّة ، طفّي الضو

حدّد الطبليّة و فوّح بالعطرشيّة

جيب غناياتك المنسيّة

ماك تعرف الثنيّة 

غدوة حفلة مدرسيّة 

في خاطر العصافر إلّي ما يموتوش 

في كلّ دار ممكن تشعل حريقة

و موش في كل دار ناس ما يهونوش 

إنتي دار نفسك و إنتي دهينتها

إنتي حريقة نفسك و إنتي حقيقتها

إنتي عرس نفسك و إنتي دفينتها

و إنتي وحدك تختار 

تدهن حيوط قلبك و الجنينة و الدّار

بألوان ما يغلطوش 

 

موش هكّا قالت العصفورة ؟ ؛)

سنحاربهم بربّك

سنحاربهم بربّك !

ناعورة ليّام دوّارة

و موش كلّ الناس غدّارة

الفم ليه ضحكة هلال

و الڤمرة فيها مرّارة

عشرتنا مزيانة 

ما تربّيناش ناس جيعانة

تربّينا عالحْنانة ، ما عندك سوْ، 

ساقك حفيانة؟ هز فيدك للمريض بردڤانة

تقلّو شكون يفهم في العيب يقلّك أنا 

و تقلّو شكون يجبر بالخاطر يقلّك هاني نترانا 

ناسنا تحت الظفر مزيانة 

فوزيّة اتدوخ كيف تشوف الدم، 

زْ دحمد يقلها يزّي مالتزعبين،

تقلّو يا راجل والله لا نقدر عليه،

يقلها اللطف على للات الكل ، بوسة عالجبين

قوم طيّب الطّاجين، يزّي مالتخرنين!

توفى المسرحيّة و يتحرق الطاجين و نباتوا شبعانين .

 

ما ينكر تونسي في اللحم ، هكّا قرّاونا

كبرنا، عشقنا الضمار و الفيانة،

قحبنا بالفن، نهزّوا العازب بالزغاريد، نفوحوا بالعنبر الكفن،

ضخامتنا بالألوان ، لعبتنا كحلا حمرا، و الترم عريانة،

مولاها ربٌي ، و آخرتها زوز ميترو في الجبّانة

كبرنا،  و زارنا الهم ، 

يلعب الغول بعشانا،

العطرشية إتلحفت الفحم،

و يقلّي نحاربوهم بالفن !

سنحاربهم بربّك ؟

بدمعة خدّك ؟

بالغزّول إلّي هدّك ؟

بخوك الكبّول إلّي عالطريق مدّك

رفسك و تعدّا سبّك و نكرك ؟

حاربهم بالفن غير قلّي قدّاش حسابك ؟

عشرة، عشرين، ميتين، ألف ألفين من أترابك؟

قدّاش طرناطة لحود من ترابك؟

قدّاش من لوحة زيتيّة؟ قلّي فيسع الزّيت مقطوع

و قدّاش منحوتة ؟ ماعادش فاهمين الكوع مالبوع

و قدّاش من رقصة على مقام الجوع؟ 

حاربهم بالفم، إكتب يا لعزيز وريقة

و كيف تبقالك قبل الزّلقة دقيقة

و ينهشك الفم إلّي ڤدم

ما تنساش إتصحّح بالدم : 

كان هنا محارب بالفن . 

و إشكل مليح ، الدنيا ضبابة

و العين ماعادش إتدل

الرّمش إتبل ، و إنتي محلاك فنّان مزبهل 

و أنا هاني معاك ، نحارب بالقمل.

سنحاربهم بالكيف ، بالسّيف، بالشتا و الربيع و الخريف 

و نخلّيو الخلاعة للصّيف 

سنحاربهم بولاّعة ، ماهو قالوا فزّاعة 

و شعبنا بريكيّة، 

سنحارب بأمّك طنڤو جحافل خُزاعة

و شعبنا صوّت للفن بأغلبيّة

سنحاربهم بمفكّ البراغي، و نحاربهم بالأوراق النقديّة،

سنحاربهم بالأقلام اللبديّة

و نحاربهم بشرشور البلديّة

سنحاربهم بالفسفاط الزنزفوري

و نحاربهم بغبار الكوري

سنحاربهم بزهر الليمون و نحاربهم بنجوى كرم و وائل كفوري

سنحاربهم بألف كتاب في العام ما تكتبوش

و نحاربهم بمثقّفي الببّوش

و نحاربهم بمقالات الرّوتوش

سنحاربهم بالعفن

و نغطسوا نغطسوا نغطسوا للعنكوش 

في البحر الأحمر الدلاّعة.

سيحاربوبنا بربهم

و نحاربهم بربّك

المسألة لكلها وجهة نظر .